[center]فتاة في السادسة عشر من عمرها , أحبت أن تعيش حياتها كما هو حال قريناتها من مرح وحب ورومانسية , عندما رأت فارس أحلامها المزعوم إمتطت صهوة جواده خلفه ليذهب بها إلى عالم لم تره من قبل بل سمعت عنه أخبارا مزيفة إنطلقت أحداث قصتها قبل أيام الشهر الفضيل بشهر .فكانت تقضي ليلها في إنتظار أن يتصل بها فارس أحلامها على هاتفها الجوال , فكما جرت عادته لا يأتي ذلك الوقت المحدد الذي إتفقا عليه إلا ويرن جهازه لتستقبل حب حياتها بإبتسامة قوية قد تبدلت ملامحها إلا ضحكات متقطعة إبتهاجا بما هي عليه من نشوة الحب الزائف الذي يغذي القلوب بالحرمان وقلة إغماض الجفنان فيطلق على ضحيته العاشق الولهان .إسترسل العاشقان يبدءان قصة حبهما بتعريف كل شخص على نفسه , حتى توجت علاقتهما الثقة الزائفة , بعد ذلك وكل يوم كانت تبدأ مكالمتهما الشوق والحنين وصرخات القلب والأنين , ومن ثم يحكيان لبعضهما ما حصل لهما طيلة اليوم من أحداثومغامرات . بدأت تلك الفتاة بالهروب من جنة النوم وباتت خائفة أن تسلبها حبيبها في طرفة عين , لم تغمض جفنا ولم تأكل شيئا , بل كانت تفكر كيف تقضي وتمضي أجمل وأسعد أوقاتها مع فارس أحلامها .لم يحرك ذلك الشيطان الذي تدعوه (بفارس أحلامها) ساكنا وإنما أخذ يستمع لها من دون أن يقترب من الخطوط الحمراء وإنما إكتفى بإغداق أعسل الكلمات وأعذبها على أسماعها حتى نسيت كل من حولها وصار هو كل ما لها .أخذت الفتاة المسكينة تخطط ما الذي ستفعله بشأن تلك القصة التي أنهكت قواها وحرمتها لذة النوم وسلبتها لذة الإستمتاع بحياتها , فقررت أن تتعمق في هذه القصة علّها تجد الشيء الذي فقدته في أحداثها .فبدأت بالحديث مع ذلك الشيطان عن اللقاء شرط أن تكون سقفهما السماء لكي لا يكون هناك مجال للإغواء .فما كان من ذلك الشيطان إلا أن يعتذر منها بعدم قبوله لذلك الفعل بحجة أنه يخاف عليها وفي أثناء المكالمة ومع أن الفتاة أخبرته بذلك الرأي وهي مترددة إلا أنها إزدادت إصرارا وألحّت عليه بالقبول لأنها أمنت جانبه ومكره .فوافق ذلك الشيطان المدعو(بفارس الأحلام) بحجة أنه وافق لإثبات حبه لها وبحجة أنه لا يستطيع أن يرفض لها طلبا .كان الموعد من شدة الشوق في نفس اليوم التاسع والعشرين من شعبان فإتفقا أن يخرجا ليلا حتى لا تكاد أعين الناس تراهم .ماهي إلا ساعات قليلة وإستأذنت الفتاة والدتها للخروج لقضاء بعض الوقت مع صديقتها التي كانت تعلم عنها كل شيء وتساعدها في التغطية عليها أثناء غيابها, فأتت على موعد اللقاء ووجدت فارس أحلامها في إنتظارها أخذها بسيارته وإنطلقا يتجولان بها في الأسواق ولم يكن منهما إلا وقد مرّا قريبا من أحد المساجد وهم يقيمون صلاة التراويح بعد أن ثبتت رؤية هلال الشهر .فكان إمام المسجد وفي نفس اللحظة وفي أثناء مرورهما بالسيارة يقول : (اللهم إرحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه تحت الجنادل والتراب وحدنا , لا أهل لنا ولا حبيب يؤنسنا , من يرحمنا من يغفر لنا من يبيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ليس لنا إلا أنت يارب العالمين ) … يدعوا الإمام ربه وهو يقف بين يديه خاشعا باكيا .فتأثرت تلك الفتاة المؤمنة العفيفة فوجدت نفسها تبكي وتلطم خديها على ما فعلت من ذنب كبير وخيانة أكبر وهي في حالة هستيرية .فطلبت من رفيقها في المعصية أن يتوقف بالسيارة جانبا , فأسرعت بالنـزول من سيارته وأمرته بالإنصراف وهي تقول له : (روح الله يستر عليك مالي غير ربي يرحمني في ظلمة القبر , وإن هان علي هنت عليه والله المستعان ) قالت تلك الكلمات وإتصلت بصديقتها لتقوم بإحضارها , وفي أثناء إنتظارها كانت كثيرة الإلتفات في الشارع وهي حابسة أنفاسها من الغيظ والحرقة على معصية إقترفتها .فلما أتت إليها صديقتها إرتمت في أحضانها تبكي وتقول : (تبت والله تبت لله رب العالمين . والله ما أسويها مررة ثانية أبد)وفعلا كانت تلك آخر مرة تفعلها فيها , لأنها أول ما رجعت لبيت صديقتها توضأت وصلّت ركعتين لله فلم تقم من سجودها الأخير للتشهد بل خرّت ميتة لا حراك فيها ولا حياة .أراد الله لها النجاة ففازت بخاتمة حسنة بإذن الله والحمدلله رب العالمين .[/center]